بقلم / كاظم فنجان الحمامي
 تساؤلات كثيرة تطاردني حيثما تجولت بقاربي في عرض البحر. تدور في تلافيف عقلي آلاف المرات، ولست بقادر على الإجابة عنها. غموض وحيرة توحي لي بأشياء لا تخطر على بال الجن الأزرق. قد تتسع دائرة التفكير وما يسفر عنها من تهيؤات ترميني في دوامات الشك والريبة. تساؤلات خطيرة باتت تلح عليَّ في هذه الأيام الأكثر عتمة في تاريخ العراق، والتي نطلق عليها نحن في أقصى الجنوب (الهندس).
أتساءل دائماً في هذا الهندس الجنوبي المظلم كيف أخطأت طائرات التحالف أهدافها وهي المجهزة بأدق منظومات التسديد الليلي والنهاري ؟. وكيف ارتبكت راداراتها الذكية فقصفت المعسكرات العراقية وسرايا الحشد الشعبي، وكيف تكررت غاراتها على المناطق الجرداء التي غادرتها داعش منذ أسابيع ؟. 
كيف اشتركت تركيا وقطر في الغارات الجوية ضد معسكرات داعش في الوقت الذي لم تتوقف فيه عن دعم داعش بالصواريخ والأسلحة والمعدات القتالية ؟. وكيف انضمت تركيا لهذا التحالف الدولي المعادي لداعش وهي التي تبرعت بتسويق النفط الذي تسرقه داعش من حقولنا المغتصبة ؟.
كيف تمردت داعش على القاعدة ؟، وكيف أصبحت من ألد أعدائها وهي التي ولدت في ثكناتها وخرجت من جلبابها ؟. ألا يعني هذا الانشقاق المفاجئ أننا نقترب من تعقيدات جديدة تضاف إلى التعقيدات القديمة، لتضفي على المشهد السياسي ملامح الحرب الدائمة، التي لا يستطيع المشاركون فيها التكهن بنتائجها. ثم كيف يرسم المحللون توقعاتهم إذا كانت الأهداف العسكرية مائعة ومتداخلة وزئبقية إلى حد يصعب معه أن تتوافق توقعاتهم مع السياقات التقليدية المعتادة ؟، وكيف يستتب الأمن والأمان في غياب مؤشرات السلام على الأرض، حيث لا توجد محادثات للسلام قيد التشكيل، ولا توجد دبلوماسية مكوكية، ولا توجد مؤشرات على وجود قوة محايدة على وشك أن تمارس قدرتها على إيجاد سلام دائم بتدمير الآخرين.
https://www.youtube.com/watch?v=bUSvR-JSuPY
كيف ظهر هذا التحالف الدولي بقوته الجبارة ليشترك في مطاردة داعش على أرض العراق المثخنة بالجراح ؟. وكيف امتنع هذا التحالف عن مطاردة داعش في سوريا ؟. وكيف تحولت داعش إلى قوة لا يُستهان بها بين ليلة وضحاها ؟. ومن الذي يمدها بالسلاح والعتاد والمؤن ؟. ألا تعني هذه التناقضات أننا أصبحنا ضحية للعبة استنزافية قذرة تشترك فيها القوى الدولية ضد نفسها في سيناريو متفق عليه تحت شعار (لا غالب ولا مغلوب). سيناريو مريب يستهدف تفكيك الدولة العراقية، ويستهدف وضع قوانين وحقائق لا تسمح لهذه الأجزاء المفككة باستعادة وحدتها. سيناريو يُبقي العراق كياناً هلامياً ينتظر التقسيم الأمريكي في أي لحظة.
والله يستر من الجايات

ار اس اس