ضمن سلسلة اللقاءات الأدبية تابعت شبكة إخبار البصرة ضمن( برنامج لقاء مع أديب ) اللقاء الذي أجراه عضو مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والإعلام الأستاذ رعد كامل مع الأديبة جليلة خليفة

 الشاعرة والأديبة من المغرب العربي وتحت أشراف الأستاذة رواء العلي رئيسة المؤسسة. وضمن سلسلة التعاون الثقافي والأدبي بين الشبكة والمؤسسة تنشر الشبكة نص الحوار دعماً للثقافة العربية  في سوريا وأي بلد عربي آخر , كل أسبوع حيث يجمعنا بكم برنامج (( لقاء مع أديب )) وآفاق الشعر وأجواء القصائد التي استعصت على الزوال والنسيان لروعتها وجمالها وأبعادها الإنسانية. ندعوكم أيها الأحبة لتكونوا برفقتنا عبر محطتنا لهذا الأسبوع والتي سنستكمل فيها تجوالنا في عالم الكاتبة والشاعرة المغربية الأستاذة (( جليلة خليفة )) أهلا وسهلا ومرحبا .

جليلة خليفة :- لي الفخر بكم .

رعد كامل :- أستاذة جليلة خليفة كيف تقدمين نفسكِ لجمهوركِ ومحبيكِ من القرَّاء ؟

جليلة خليفة :- أقدم نفسي مجرد إنسانة حساسة،أكثر ربما مما يجب،في واقعنا المتناقض هذا.و مدمنة التعبير كتابة منذ وعيت على حرف،مهما تكن نوعية الكتابة،لأنها تظل عندي نبض حياة .

رعد كامل :- حدثينا عن مسيرتكِ الأدبية والثقافية منذ البداية إلى الآن وأهم المحطات في هذه المسيرة .. ومراحل التطور وقفزاتك النوعية في عالم الكتابة والشعر والإبداع ؟

جليلة خليفة .- بدأ الأمر بإعجاب الجميع،منذ بدأت اكتب حتى نصوص الإنشاء في المدرسة،أو سيناريو لمسرحية و قصص و حكايات،لكن الحياة أخذت خطواتي نحو مسار اسري،فظلت الكتابة نوعا ما،هي رؤيتي لذاتي طيلة سنوات صنع الحياة لآخرين.و لأني مدمنة كتب،قرأت في كل المجالات ذاتيا و بمتابعة،في كل الآداب،خاصة الفرنسي و العربي بلغتيه،و المترجم من كل بقاع الأرض.فكتبت لنفسي سنوات،إلى أن شجعني بداية أولادي،لثقافاتهم الواسعة أدبيا بتشجيعي،رغم حصول كل واحد منهم على دكتوراه،في مجالات علمية مختلفة،ثم بعض أقاربي و أصدقاء من العراق خاصة، وأوربا كبلجيكا بالتحديد،و دول شقيقة أخرى،على مشاركة ما أكتبه،فغلب تشجيع الغالبية،معارضة البقية،لأستخدم عنادي في تكملة ما بدأته.و ربما حصلت على شواهد عديدة تقديرية،لكن محبة الناس الرائعين حولي و خارج البلاد،كانت و تظل أعظم وسام وشح صدري.فما نكتبه لا قيمة تشاركيه له،و لا أهمية لإتقانه،إن لم يلامس الكمال صدقا،محركا ضمائر و مشاعر الآخرين .

رعد كامل :- هل يلعب الأديب العربي المعاصر دورا هاما في تبني القضايا والهموم التي تعاني منها الجماهير العربية، في إطار تواجدها القطري أو على المستوى القومي ؟

جليلة خليفة :- للمثقفين دوما ادوار ايجابية أو سلبية،حسب الفكر و المبادئ،فهم رسل التنوير أن صحت الأوضاع.و على عاتقه خدمة العالم الذي ينتمي إليه.خاصة أن المعوقات ليست كالسابق،على صعيد الهيئات الرسمية مثلا.فعوالم التواصل المتاحة توصل كل الأفكار التي تملك وزنا معرفيا و تنويريا.فتظل كل المحاولات الإصلاحية مثرية،مهما تكون بساطتها أو عظمتها،إلا ما يتعارض مع المصالح العليا للأوطان،و للإنسان عامة كأساس طبعا .

رعد كامل :- سفيرتنا الغالية للنوايا الحسنة . أين يقف الأدب العربي الآن من الأدب العالمي؟ .. وهل ينجح الأديب العربي في نقل رسالة أمته إلى العالم كما ينبغي ؟ وما هي المعوقات التي تحول دون إنجاز الأديب العربي لمهماته على المستوى الوطني والعالمي ؟

جليلة خليفة :- في عصرنا هذا لا نجد ما نوصله،بعد الملامح البشعة التي أوصلها المخربون،لكن الأدباء و المفكرون بتياراتهم المبنية على السلام،تصل طبعا إلى البعض المستعد لتقبل الأخر.في انتظار اشراقة جميلة.فالرسائل تصل ثقافيا،عبر الوجدان الصادق،لكن أعظمها يصل إلى كل إنسان أينما يكون،عبر الترجمة خاصة.فللترجمة دور رائد،في نهضة الأمم قديما و حديثا،لأنها تأخذ و تعطي في نفس الوقت،أذا كان وراءها تنوير يون،فتربط البلدان و القارات ببعض،مقربة في الأساس الإنسان ككل،وجدانيا و ثقافيا و فكرا،لتحضر أقوى و أغنى،كبداية للتطور و النهضة،و وصولا الى سلام لن يتحقق إلا بالمحبة،لتعايش ممكن فوق أرضنا الغالية.أما المعوقات فتختلف من بلد إلى بلد،و لو كما قلت سابقا ولم تعد كالسابق .

رعد كامل :- ما هي أهمية المعرفة بالنسبة للأديب أو الأديبة وهل يفترض بالأديب أن يمتلك نزعة بحثية بالأساس؟

جليلة خليفة :- بدون معرفة لا أدب له عمق،و لا رسالة لها مدلول أو قدرة على الإقناع.فالنزعة البحثية ضرورية لأية موهبة،كيفما تكون نوعيتها.سواء ثقافات أكاديمية أو اجتماعية أغنى،فنا و حتى تنمويا.فالثقافة بمفهومها الواسع،تنير عقل المبدع،و تريه خبايا المتلقي و ما يحتاجه،بعبر التاريخ و دروس الآخرين .

رعد كامل :- هل الأدب العربي قدم نماذج عربية كان لها تأثير وإسهامات كبيرة في مسيرة الادب العربية ؟ وكيف تقرأين مستقبل الأدب العربية ؟

جليلة خليفة :- طبعا قدم الأدب العربي الكثير،و حتى العلم أعطاه قواعد،استقامت فوقه واقفة أمم،فسادت علما و أدبا و فنا.فعبر ترجمة المستشرقين لكثير من الكتب،بعد أن امتد الظلام شيئا فشيئا فوق السماء أممنا،الناطقة باللغة العربية كما أسميها،أشرقت النهضة الأوربية.أما مستقبل أمتنا الغنية بروافدها الثقافية و الإثنية،فلها أن تأخذ الدروس مما حصل من انتكاسات و هزائم داخلها حولها،أعلاء لقادم لا فرصة بعده،في عصر الركب الحضاري،الذي لا ينتظر الواقفين الجامدين،فوق الأرصفة المتربة .

رعد كامل :- كيف تنظرين إلى مناهج تدريس اللغة العربيّة المعمول بها في مدارسنا العربية بشكل عام للدول العربية ؟

جليلة خليفة :- هي اللغة كما لغات غيرها،و طرق التدريس كما اخرى،يحكمها تجديد لجديد ما يخترع و يبتدع،و ترسيها قواعد ثابتة.و لأنها لغة روحانية عند الكثيرين،يجب أن يجتهد في تطوير إيصالها كلغة عالمية،بالبحث العلمي لرفاه الشعوب،و الأدبي و الفني إثراء للأخر.لا يمكن أن نفخر كثيرا،بلا تقدم علمي ساد بواسطته آخرون من بني الإنسان،في بقاع أخرى.و لنكون واقعيين،و بعيدين قليلا عن الشعارات،فحتى عند الأبحاث الضرورية علميا،لأساتذتنا و طلابنا،و باحثينا من الجنسين،يجبرون على ولوج تفاصيلها بلغة أخرى،لأن بلدانها هي من أبدعت وسائل التطور،و ليست فقط مستهلكة،و لو أنها تقدمت بمختلف العقول من كل الأجناس.و هذا يعيدنا إلى التكامل الإنساني عبقرية حضارية،و ليس التجزيء و التفرقة حتى داخل المجتمع الواحد،مما يفجر حروب بدائية،عوض تسهيل الحياة،للقادمين من أولادنا و أحفادنا .

رعد كامل :- ما تتمنين أن تحقيه وما هي مشاريعك في المستقبل؟

جليلة خليفة :- أولى مشاريعي انتهت بامتياز،و هو إخراج أسرة ناجحة بكل المقاييس،صغيرة و كبيرة،و كل من تمكنت يدي من توجيهه،خارج محيطي.أما مشاريعي القادمة،فهي إخراج ما لدي من كتب إلى الأخر،لعلني أزرع سنابل حب إصلاحا و مصالحة،و لو قليلة جدا،موصلة مشاعري و أفكاري،فاخذ أكثر ما يمكن من الأخر،استفادة و متعة .

و هي أحلام تبدأ بفكرة،أواظب على تحقيقها بقلبي كما تعودت،أكثر مما هي مدروسة.فالعفوية عندي تسود مهما حاولت تفادي نصفها.و كم أحلم بسلام يسود عوالمنا،و رقي يبهر بالوحدة الإنسانية و العطاء،فالإبداع لا يكتمل إلا جماعيا،و المحبة معجزة كل عصر .

رعد كامل :- كم كتاب أصدرتِ حتى الآن شعرا ونثرا وباقي فنون الأدب ؟

جليلة خليفة :- ثلاث دواوين ..وشم العار،قلبي جنة حواء و رسائل السماء،.ثم روايتان،و هما كوابيس الملائكة من القطع الكبير،و عروس الظلام.و أخرى قيد الطبع،و واحدة جاهزة باللغة الفرنسية. و لدي رواية و كتاب ومضات ترجمتهما إلى اللغة الفرنسية قيد الطبع،و أترجم كتبي حاليا.فالكتابة عشق عندي و بوابة انطلاق طول الوقت،تنفيسا مرات عن أحداث أعيشها،أو أعاينها حد الذوبان بين تفاصيلها.لدي بعض المقالات المتواضعة أيضا.

رعد كامل :- ما هو تعريفكِ وتقييمكِ للشعر والأدب الجيد ؟

جليلة خليفة :- ما يصل بسلاسة إلى الروح و العقل،و سليم لغويا ما آمكن،هو أدب و شعر جيدين.و يحمل فكرة تنفع،و لو طاقة روحية إيجابية،في زمن كل شيء فيه أضحى صعبا،رغم اليسر و المتاح.فبلا أحساس و لا موهبة،لا شيء جميل و مفيد أبدا.مهما رص الكلام منمقا موزونا .

رعد كامل :- ما هي نصيحتكِ للمبتدأ في الشعر والأدب وأي طريق يسلك نحو الأصح ؟

جليلة خليفة :- المجال المعرفي أولا و أخيرا،أوله القراءة و الاحتكاك بالناس على اختلافهم،فهذا يهب النضج لموهبته،كما التواضع رفعة أخلاقية،توصله الى الناس.فبلا صقل معرفي و أنساني،يظل العطاء محدودا مهما تعدد .

رعد كامل :- يقال : إن الإبداع في جميع المجالات ( الأدب والفن والثقافة .. إلخ) هو وليد المعاناة ولا يوجد إبداع من دون معاناة وألم .. ما رأيكِ في هذا القول؟

جليلة خليفة :- المعاناة تولد طاقة الوجع الرهيب،فتصبح الموهبة معجزة،خلاقة لفوضى رهيبة من المشاعر،التي تشيد في النهاية،بنيان إنسان متكامل.لكن التجاوز للوجع يعمق الإحساس بأوجاع و معاناة و أفراح الآخرين،و يعطي كم الطاقة الايجابية لمن يقرأ و يتلقى،و هذه الميزة بجبروتها،هي في نظري الأهم.

لا أحب الإحباط مهما يكن،فما دمنا واقفين،بإمكاننا صنع الكثير،و إنقاذ أرواح الكثيرين،من الضياع و الاستسلام للكوارث و العذاب،كما المساهمة في إصلاح،ما يمكننا من الأوضاع السلبية.أو في أهون الأحوال،نوثق شهادتنا المتواضعة على التاريخ .

رعد كامل :- رأيكِ سيدتي بمحفلنا هذا مؤسسة الجيل الجديد للثقافة والأعلام . وما تقولين لنا ؟ رأيكِ مهم جدا ؟

جليلة خليفة :- مهما قلت لن أوفيكم حقكم جميعا،لكن أقول فخورة بتواجدي بين قلوب صافية،و عقول منفتحة لكل جميل،تأبى إلا أن تعلي المجال الإبداعي بنبل و إخلاص.شكرا من القلب لإداريي هذا الصرح الجميل،و بلا مجاملة والله،سعدت بالأسئلة،و بلطف الحوار و فائدته.شكرا أستاذ رعد كامل،لأنك تدعم و تشجع الكثيرين،و للرائعة رواء كل المحبة،و للجميع من غفلت عن أسمائهم.و عذرا لأي تقصير

رعد كامل :- بمناسبة هذا اللقاء الجميل ما تهدين لنا من اجمل واقرب نصوصك الشعرية على قلبكِ ....؟

جليلة خليفة :- لأن المرأة عماد الأجيال القادمة و الراحلة،و لأنها أم و أخت و رفيقة درب و بن،لنصف المجتمع الآخر.أقدم هذه الكلمات تحية مني :-

أنا امرأة تضحك لتغريد

بلابل الزمن على جلدها

تضحك لغباء الوجوه لو

لو أباحت سموها بغلها

تسأل من أنا بجهل فاضح

أنا التي تمحو مغيبا بكفها

هي أنثى ترفق بالذئاب

لو عضت غض وريدها

لو انسلت خناجر فوقها

لا تأخذ البريء بذنبها

لا تسأل جحودا من إنا

حواء تحيي العالمين

جهل يعدم جهرا بعرفها

تبتلع أسرار الأكوان ودا

لا تبوح ابد الدهر بسرها

تأوي قريب الخلائق حبا

تحمي الأغراب بضلعها

من أنت يا حائر السؤال 

عن روح السماء بقدسها

لا تسأل عن جنة الخلد

و الرضا مد يموج بنبعها

المهد عمر قد من روحها

و الحياة ترتيله بعهدها

تكلم فقد أراك رأي عين

تحرك بارا لأمدك بعشقها

 

رعد كامل :- وأخيرا شاعرتنا العذبة ..نتمنى لك مزيد من النجاح والتفوق فقد كان حوار ذو شجون شكري وتقديري لتلبية الدعوة ونشكر لك سعة صدرك وعذوبة إجاباتك تقبلي منا أطيب التحيات . ونلتقي في لقاءات أدبية أخرى بإذن الله