بقلم

                                                                          ضياء عبد ناصح الموسوي

قد يتبادر الى ذهن المتلقي الغير ملم  حين سماعه بمفردة الادارة بانها شان بسيط من شؤون الدول و المؤسسات او الشركات و المنظمات،هذا واقع حياتي شاهد ظاهره لدى اغلب المعاملات الجارية في حياتنا العامة،لكن في الحقيقة ان هذه المفردة المعنية بالادارة لا تتسعها حتى المكاتب العالمية الضخمة و على مدار عجلتها التقدمية بشكل مستمر لا يقف عند حد معين،فهي علم يفوق و يسمو على كل العلوم الخاصة بتنظيم عمل المنظمات و المؤسسات بل حتى الدول و لو لا هذه الادارة لتخبط الجميع في عملية التطور و مواكبة الحضارات العالمية على مر التاريخ بل مدلوله يكون حينها عملية تعطيل العقل البشري الذي خلق الله تعالى الانسان به ليسمو و يرقى على كل المخلوقات.

اذن لماذا نعيش نحن حالات و ليست حالة من التخلف و التخبط في عملية تنظيم و تطور شؤون الحياة و ما الت اليه تلك الحالة من ظواهر سلبية تطفو على سطح واقعنا المر،السبب الرئيسي هو عدم التركيز على ممارسة الدراسات المستفيضة بالادارة و اسقاط النظر عنها كليا في بعض الاحيان.<br>

لو اجرينا دراسة موضوعية على عملية التطور الجاري لدى الدول المتقدمة تكنولوجيا على سبيل المثال لوجدنا ان هذه الدول تقوم بشكل دوري متسارع على تطوير الادارة الاستراتيجية يوما بعد اخر لتصل الى افضل النتائج في صناعة و انتاج و تسويق منتجاتها المحلية و العالمية،فكيف بنا و نحن نعيش حالة من الفوضى الادارية في ظل اللامسؤولية و اللابالية و التهميش و الاقصاء لدى بعض المتصدين للمسؤوليات الادارية في دوائرنا و كانهم يعملون بشكل ممنهج للاطاحة بكل ما يمت بصلة بتطور البلد.

يحضرني ان اذكر بعض الشواهد عن تجارب واقعية نعيشها في حياتنا اليومية من خلال تعاملنا الاداري في بعض الدوائر الحكومية و قد لا تنطبق صيغة النقد و لا تكفي في التعرض لبعض المسؤولين الفاسدين الذين تجاوزوا كل الخطوط و الثوابت القانونية ليعبروا بنا من حالات الاقصاء و التهميش و اللابالية بل و حتى الاستبداد و الاحتكار في تعاملهم مع الرعية الى مستنقع الفساد الذي يحرم شرائح كبيرة من الناس من حقوقهم،فمثلا هناك قوانين تحكم الادارة و المالية في الدوائر الحكومية كقانون 22 لسنة 2008 او القانون البحري الصادر عام 1975 و الذي يعنى بالخدمة البحرية،حين يحتج موظف او بحار على درجته و عنوانه الوظيفي او راتبه طبقا للقوانين المذكورة هناك البعض من المسؤولين يخلط ما بين قانون الخدمة المدنية و قانون الخدمة البحرية فيطبق الاول على البحارة الذين هم يجب ان يقعوا تحت لا ئحة القانون البحري او الخدمة البحرية و يحرم البحار من حقوقه،او لربما هناك البعض من المسؤولين يراوغ في تدعيم استحقاقات البحار فيستند الى القرار و يسمو به فوق القانون ليس لجهل اداري او قانوني فحسب بل يتعمد الى وسيلة سياسة الاقناع بان هناك قرارات الغت هذا القانون او ذاك و هو على علم بان القانون لا يلغى الا بقانون و تفوت الفرصة على الموظف المسكين لعدم اطلاعه بالقوانين،بل هناك بعض اخر من المسؤولين يتعرض للموظفين بحرب شرسة من اجل ان لا يصل الموظف البسيط الى استحقاقاته في الترفيع و السمو بدرجاته الوظيفية ظنا منه بانه سوف ينافسه في موقع المسؤولية و كان هؤلاء المسؤولين قد استحقوا بكتاب سماوي طابو صرف لمراكزهم برغم فسادهم و فشلهم المستمر.

بنظري ان مسؤولية مجابهة المسؤولين اداريا بممارساتهم الادارية الفاشلة بشكل قانوني و حضاري تكاد تكون من الضرورات الملحة ان لم اقل من الواجبات المهمة للحفاظ على المصلحة العامة و من ثم انقاذ البلد من عملية تدمير شاملة بسبب تسلط بعض المسؤولين بقرارات اجتهادية ما انزل الله بها من سلطان بالرغم من صعوبة تلك الواجبات في ظل واقعنا الراهن و لكنها ضرورات قصوى و ملحة للحاق بركب التطور العالمي.

 البلد بحاجة الى مواجهة حقيقية يدعون بها اصحابها الى استنهاض كل القيم المهنية و الانسانية الحقة من اجل تحرير الادارات من اكبال و قيود الفشل و الفساد الاداري و المالي بكافة اشكاله و ممارساته اللامسؤولة من قبل مسؤولين اعمى الله بصيرتهم بسبب استبدادهم المستمر للموظف و مصادرة حقوقه،او لربما يحتاج البلد الى ثورة ادارية شاملة تنهض بدوائرنا الى الامام

 

                                                               

ار اس اس